نصائح لحياة زوجية مستقرة من كتاب" كيف تحصل على الحب الذي تريده "
بقلم: سالي حجازي
"كيف تحصل على الحب الذي تريده"، الكتاب الصادر عام 1988. والذي يعتبر واحد من أشهر الكتب في تاريخ نيويورك تايمز وأكثرها مبيعًا إذ تخطت مبيعاته 4 مليون نسخة حول العالم .
د."هارفيل هندريكس" مؤلف الكتاب عمل لسنوات طويلة كأخصائي لعلاج العلاقات الزوجية. ويعتبر ذلك الكتاب من أقوى الكتب التي ألفها خلال مسيرته المهنية كاستشاري علاقات زوجية. لذلك تم مناقشته على مدار حوالي 16 حلقة خلال برنامج أوبرا وينفري بعد صدوره.
لماذا نال الكتاب هذه الشهرة الواسعة؟
تكمن أهمية ذلك الكتاب في أنه يعتبر أحد أهم المراجع التي تتمضن برامج علاجية لأي علاقة زوجية متوترة. فقد تمكن الكاتب من وضع خريطة كاملة لمراحل لأي علاقة عاطفية أو زوجية. بشكل يساعد كل طرف على فهم نفسه وفهم أبعاد أرتباطه بشريك حياته وفهم علاقتهما بطريقة افضل. كذلك وضع مؤلف الكتاب برنامج كامل من واقع خبرته - التي تتجاوز ثلاثين عام - لإعادة تشكيل العلاقة الزوجية. يتضمن تمارين ذهنية سلوكية تساعد كل من الطرفين على تجاوز الفجوة بينه وبين شريك حياته.
تعتمد نظرية د. هارفيل على تحليل أي علاقة عاطفية من خلال تقسيمها إلى مرحلتين أساسيتين. الأولى مرحلة "الإرتباط الغير واعي" أي الارتباط العاطفي الرومانسي، وهو الارتباط القائم على المشاعر فقط. والثانية هي مرحلة "الإرتباط الواعي". وهي المرحلة تحول الارتباط إلى ارتباط رسمي بعد أن امتدت العلاقة العاطفية لفترة طويلة فتحولت لارتباط رسمي أو زواج. فيبدأ الطرفين في اعتياد العاطفة والمناخ الرومانسي للبدايات وتتحول بالتدريج للشكل الرسمي الأكثر واقعية وتعامل مع الاحتياجات والمسئوليات.
اقرأ أيضا: 29 نصيحة قبل الزواج
المرحلة الأولى في الحب : الارتباط الغير الواعي:
"الإرتباط الغير واعي" وهو الإرتباط العاطفي. الذي تتحكم فيه المشاعر بشكل رئيسي منذ اللحظة الأولى أو بمعنى أدق العقل الباطن، فالعقل الباطن هو المحرك الأساسي للمشاعر والعاطفة. إذ أننا حين تتحرك مشاعرنا تجاه شخص محدد دون غيره فإن العقل الباطن يلعب في ذلك دور رئيسي. حينما يكون ذلك الشخص هو شخص متسق مع صورة محددة صنعها العقل الباطن (الغير واعي) أطلق عليها د. هارفيل في كتابه الصورة الذهنية.
لكن ينبغي التوضيح أن هذه الصورة الذهنية هي صورة غير واعية بنسبة 100%، المتحكم الوحيد فيها هو العقل الباطن. فمهما كانت طموحاتنا وأحلامنا وأهدافنا (من ناحية التفكير والعقل الواعي) إيجابية ومثالية بدرجة كبيرة. إلا أننا من الممكن جدًا أن ننجذب عاطفيًا لأشخاص مختلفين تمامًا عن تلك الأحلام. والسبب في ذلك أنهم كانوا مطابقين لتلك الصورة الذهنية التي شكلها عقلنا الباطن.
ما العوامل التي تتحكم في شكل وتكوين الصورة الذهنية ؟
مفهوم الصورة الذهنية التي يشكلها العقل الباطن وتنجذب لها عواطفنا مرتبط بالماضي. بمعنى أن الجميع لديه أثر جراح وخدوش من مرحلة الطفولة. مهما كانت مرحلة طفولتك سعيدة ومستقرة لكن لا توجد مرحلة طفولة سليمة 100% بدون جراح أو ندوب أو حتى خدوش بسيطة. هذه الجراح أو الندوب يكون المتسبب فيها عيوب الأشخاص المسئولين عنا وقتها (الأب أو الأم بالتحديد). أو بشكل عام الأشخاص الذين شكلوا المناخ المحيط بنا في الماضي وساعدوا في تكوين شخصيتنا.
وما يحدث عندما يكون العقل الباطن بشكل غير واعي الصورة الذهنية للشخص الذي تنجذب له عواطفنا. فهو يكون صورة مكونة بشكل رئيسي من تلك العيوب التي كانت موجودة في شخصيات آبائنا أو أمهاتنا أو الأشخاص الذين شكلوا مناخ طفولتنا. تلك العيوب التي سببت لنا الأثر السلبي وخدوش وجراح الماضي! بعكس ما يظن الكثير أننا نقع في الحب لأننا انجذبنا لمميزات الطرف الآخر، بالعكس السبب في الحب العاطفي غالبا ما يكون عيوب الشخص وسلبياته أكثر من مميزاته.
لماذا يبحث العقل الباطن عن نفس سلبيات آبائنا أو أمهاتنا ويحاول تحقيقها وتكرارها في شريك حياتنا ؟
العقل الباطن يميل إلى محاولة إستعادة نفس نمط المشاعر القديم الذي اعتاد عليه في سنواته المبكرة وأوقات الطفولة والماضي حتى لو كان سلبي. ويحاول تحقيقها من جديد في مرحلة النضوج، مع محاولة علاجها وإعادة تصحيح مسار ذلك المناخ السلبي القديم بشكل يداوي لديه الجراح أو الخدوش التي نتجت عن عيوب أحد المؤثرين في سنوات طفولتنا.
بالطبع يرفض الكثيرون تصديق ذلك الأمر وأنهم يبحثون بشكل غير واعي عن الأشخاص الذين يحملون صفات أو عيوب من تربوا على أيديهم. وهو أمر طبيعي أن نعجز عن تصديق تلك النظرية، فكلنا حين نفكر بعقلنا الواعي بالطبع نبحث عن كل شيء إيجابي.. من الصعب تصديق أننا أحببنا هؤلاء الأشخاص بسبب عيوبهم وليس مميزاتهم كما كنا نظن! لكن العقل الباطن لا يعمل بشكل منطقي، بل يميل أكثر للمناخ الذي اعتاده ومن ثم يحاول معالجته، ومن هنا يبدأ الصدام.
مما يفسر السبب وراء انجذاب بعض الأشخاص إلى آخرين يحملون صفات سلبية لم تكن في حساباتهم ولم يحلموا بها أبدا، وبالنظر عن قرب نجد أنها تقريبا نفس سلبيات ذويهم وأولياء أمورهم أو الأشخاص الذين تربوا في مناخهم.
اقرأ أيضًا: سوء الحظ في الحب.. لماذا يفشل الأشخاص الطيبين في الحب؟
عيوب من نحبهم تتشابه مع عيوب آبائنا!
يؤكد د. هارفيل أنه تمكن من متابعة ذلك من بين مئات الحالات الذين خضعوا للعلاج وتصحيح مسار حياتهم الزوجية في عيادته. بالنظرة في صفات وعيوب الشريك أو الطرف الآخر نجد أن ثمة الكثير من الأمور المشتركة بينه وبين أب أو أم الشخص صاحب المشكلة أو كلاهما.. (مسيطر، منقاد، عصبي، غير مهتم... )
ويؤكد د. هارفيل -وفقاً لما مر عليه من مئات الحالات التي كان يتولى علاجها- أن كل شخص منا إذا قام بمراجعة السمات التي تميز الشخصيات الذين انجذب لهم عاطفيا خلال حياته سيكتشف العديد من السمات المشتركة بين هؤلاء الشخصيات وتحديداً الصفات السلبية.
أعلم أن الكثيرون قد يختلفون مع هذه النظرية بمجرد قرائتها.. لكنك عند التفكير المتأني من الوارد جداً أن تكتشف بعض السلبيات المشتركة بين من أحببت عند نضوجك وبين من أثروا في نشأتك. قد يكون الاختلاف في النسبة فقط (جرب وفكر واتأكد بنفسك).
متى تبدأ حالة الارتباط العاطفي (مرحلة اللا وعي) في التغير؟
تبدأ حالة الارتباط العاطفي (الارتباط الغير واعي) في التقلص التدريجي مع تكرار الصدام بين الطرفين. تلك الصدامات التي تكون في أوضح حالاتها حينما يبدأ الطرفان في تنفيذ خطوة الارتباط الرسمي. فبتدأ العلاقة في التحول من مجرد ارتباط عاطفي بمسئوليات واحتكاكات اقل ومساحة رومانسية وعاطفة كبيرة إلى مرحلة الحياة الكاملة. فيصبح كل طرف في انتظار أن يلبي الآخر احتياجات ومسئوليات أكبر ولا يكتفي كل منهما بمميزات الآخر بل يتوقعون المزيد.
ارتفاع مستوى التوقعات من الطرف الآخر:
اكبر مشكلة في مرحلة التحول من الارتباط الرومانسي للارتباط الرسمي ( الارتباط الغير واعي للارتباط الواعي) هو ارتفاع مستوى التوقعات من الطرف الآخر. بحيث يظن كل طرف أن يلبي الآخر كل احتياجاته من دون طلب أو حتى توضيح. سواء كانت رغبات واعية أو رغبات غير واعية!
ما هي الرغبات الغير واعية ؟
الرغبات الغير واعية هي الرغبة النابعة من العقل الباطن أو الغير واعي. والتي تتمثل ببساطة في محاولة اعادة تصحيح المناخ السلبي القديم، الذي يستعيده الشخص بشكل تلقائي عند اصطدامه بعيوب شريك حياته أو حبيبه (التي هي عيوب أحد والديه وسببت له معاناة أو جرح قديم كما ذكرنا). فتصبح أكبر رغباته هي التخلص من تلك العيوب التي تتسبب في تكرار ذلك المناخ السلبي الذي تسبب له في جراح الماضي والطفولة. والتي أطلق عليها الكاتب في الكتاب عملية (مداواة جراح الماضي).
ويحدث كثيرًا للعديد من الأشخاص أن يتكون لديهم خلال مرحلة الارتباط العاطفي مستوى توقعات مرتفع للغاية من شريك حياته. فيظن أنه سيتفهم تلك الرغبات من تلقاء نفسه وينفذها. الأمر الذي يعتبر غير منطقي بالمرة. وما يحدث أنه كلما ارتفع متسوى التوقعات الغير واقعية من شريك الحياة كلما زاد الصدام والمشاكل واتسعت الفجوة بين الطرفين.
ويحدث كثيرًا في هذه المرحلة أن يعتقد كل طرف أن الطرف الآخر يدرك تمامًا احتياجاتنا ومدى استيائنا من سلبياته التي نتج عنها جراح سابقة في الماضي. لكنه يتعمد عدم إرضائنا وتجاهل مشاعرنا. كذلك يلاحظ محاولة كل طرف اسقاط عيوبه على الطرف الآخر عندما يعجز الآخر عن فهم رغبته الغير واعية.
(نسبة صغيرة من الأزواج لا تتجاوز 5% هي التي تتجاوز الصراع وتتمكن من خلق حياة مستقرة بعد اكتشافهم أن الحب بعد الزواج لم يكن كما تخيلوا لكن الأمر ممكن علاجه بالتواصل والنقاش البناء بين الزوجين)
وفي حالات الفشل يصل على الأقل 50% من الحالات إلى الطلاق والنسبة المتبقية التي فشلت كثيرًا ما يلجأون للأسف إلى خلق مناخ عاطفي موازي للزواج (الخيانة الزوجية). لأنهم غير قادرين على حل المشكلة ولا على اتخاذ قرار الانفصال وغير سعداء في نفس الوقت.
المرحلة الثانية: الارتباط الواعي (العقلاني):
تبدأ مرحلة الارتباط الواعي حين تمتد العلاقة العاطفية لفترة أطول. وحين يأخذ الارتباط شكل الطابع الرسمي ويبدأ الطرفان في التعامل مع الواقع بكل تفاصيله بشكل أكبر وتبدأ المساحة الرومانسية بينهما في التقلص. وفي المقابل تزداد المسئوليات ومتطلبات واحتياجات كل طرف من الآخر. ما يحدث أن الغالبية العظمى من الأزواج يكون لديهم نسبة توقعات وأحلام غير واقعية لشكل الحياة وتصرفات الطرف الآخر تجاههم بعد الارتباط الرسمي. الكثير يتوقع أن يعرف الآخر احتياجاته بدون توضيح. كما أن هناك من يظن أن الآخر يتعمد تجاهل رغبته أو رأيه. بالإضافة إلى الرغبة في تغيير الآخر لدى كل طرف تصبح أقوى من أي وقت سابق خلال ارتباطهما. في هذه الحالة تزداد مساحة المشاكل تدريجيًا ويتكرر الصدام. وكما ذكرت في المقال السابق. وفقًا لدكتور هارفيل، نسبة ضئيلة فقط هي التي تتمكن من تجاوز مرحلة الصدمة بعد اكتشافهم أن واقع الزواج ليس كما توقعوا. لكنهم يتمكنوا من خلق مساحة أو منطقة وسط من خلال تقبل كل منهما لعيوب الآخر والتواصل والنقاش البناء.
ثمة اعتقاد خاطئ لدى معظمنا أن النجاح في الزواج أساسه هو أن تختار لنفسك شخص مثالي. لا شك أن اختيار الشخص المناسب أو المثالي هو عامل أساسي لنجاح أي علاقة عاطفية. لكن ما يجهله الكثير منا أن النجاح في الزواج أساسه أن تكون أنت الشريك المثالي.
كيف يتمكن الطرفين من النجاح في مرحلة الارتباط الواعي (العقلاني/ الواقعي) ؟
يأخذنا د. هارفيل بعدها إلى الخطوات التي ينتهجها من أجل تحقيق هذه المرحلة من خلال تمارين (ذهنية وسلوكية). تعمل على خلق منطقة وسط بين الطرفين تكون هي البداية لخلق مناخ عقلاني وواعي بين الزوجين. يتمكن كل منهما فيه من معرفة نفسه بشكل أكبر وتحديد إحتياجاته من شريكه. وبالتالي تفهم الطرف الأخر و إحتياجاته بشكل أكبر. مما يساعدهما على تجاوز الصدام بأمان وبشكل يقوي من ارتباطهما بدلًا من أن يضعفه.
اقرأ أيضًا حل المشاكل الزوجية بالنوستالجيا
أهم خطوات تجاوز مرحلة الصدامات بأمان، وخلق منطقة وسط بين الطرفين:
-
عدم الهروب من المشكلة:
عند الاعتراف بوجود مشكلة تهدد الحياة الزوجية للطرفين كثيرًا ما يحدث أن يلجأ الأزواج للمتخصصين في العلاقات الأسرية لمساعدتهم ثم يعجز أحدهما أو كلاهما عن الالتزام بخطوات العلاج ومعالجة الفجوة بينه وبين شريك حياته.
(وفقًا لـ دكتور هارفيل الغالبية العظمى يتراجعون فيما بين الجلسة الثالثة أو الخامس، والكثير منهم يلجأون للتعلل بأسباب غير حقيقية للتهرب من تنفيذ نصائح المتخصص أو برنامجه لعلاج علاقتهما الزوجية)
إن لم يكن هناك نية حقيقية لعلاج المشكلة والتزام حقيقي من الطرفين بالسعي لإصلاح علاقتهما لن يكون هناك قيمة لأي حل ينقذ هذه العلاقة، ولن يكون هناك علاقة من الأساس. -
خلق منطقة آمنة:
حينما يقرر الطرفان بصدق عدم الهروب والالتزام بنصائح المتخصص لإصلاح علاقتهما. يبدي كلاهما استعداد أكبر للعمل على التخلص من السلوكيات الغير بناءة التي ينتقدها أو تثير غضب شريك حياته واستبدالها بسلوكيات اكثر فائدة لكل منهما.
(مثل إظهار مشاعر الحب والاهتمام بشكل أكبر، كلمات غزل أو تودد، شراء هدية، أو بطاقة معايدة مع وردة، أو طهو طبق الزوج المفضل)
هذه الأفعال حينما يقوم بها طرف ويستحسنها الآخر ويرد عليها بالمثل. تخلق شعور لدى كل منهما بالأمان والحب وأنه لازال هناك أمل في علاقتهما وبالطبع يعزز ذلك الشعور من الرابط العاطفي بينهما. حيث يبدأ العقل الباطن في ترجمة تلك التصرفات على أن ذلك الشخص هو داعم لي (بدلا من الشعور أن ذلك شخص يتعمد تجاهل احتياجاتي الناتج عن الصدام المتكرر) بالتالي تختلف رؤية الموقف لزاوية أوضح، وأكثر إيجابية. -
تعميق معرفة كل طرف بذاته وبشريك حياته:
حينما نسمع انتقاد من نحبهم أو شركاء حياتنا لنا أو لأي تصرف من تصرفاتنا نترجم ذلك الانتقاد بشكل تلقائي على أنه نقطة للصراع. في حين أننا لو فكرنا بدون انفعال سنجد أنه من الطبيعي أن يكون كل طرف له وجهة نظر. وبالتالي من الممكن أن يكون انتقاد شريك الحياة لنا هو زاوية غير مرئية بالنسبة لنا من المشكلة. من الممكن جدًا أن يكون بعض مما يوجهه لك شريك حياتك من انتقاد هو وجهة نظر تحمل جانب من الحقيقة وبعض من كلامه موجود حقًا. يجب أن تسأل نفسك بصراحة: إلى أي مدى وبأي طريقة ينطبق علي هذه الكلام؟ وبدلًا من محاولة إثبات خطأ هذا الكلام وتحويل وجهة نظر شريك حياتك إلى مصدر مشكلة. من الممكن أن يكون ذلك الانتقاد هو طريقة فعالة لفهمك لنفسك ترى فيها جانب لم تكن تراه، والعكس صحيح حينما تفعل نفس الشيء مع شريك حياتك لو فكر بنفس الطريقة.
حينها يدرك كل طرف أن الآخر ينظر له بطريقة مختلفة، يأخذ الجدال والنقاش شكل أكثر إيجابية. كما أن كل طرف يتمكن من أن يفهم نفسه بشكل أوضح حينما يرى الموضوع أو الموقف من زاوية حبيبه أو شريك حياته.
-
التعبير عن الحزن أو الغضب بشكل آمن (احتواء الغضب) :
حينما نشعر بغضب لأي سبب سواء سبب ضغوط العمل أو بسبب مشكلة اجتماعية، أو حتى بسبب الجراح أو الآلام التي حدثت لنا في الطفولة وحياتنا المبكرة. كثيرًا ما يحدث ان نلجأ للتعبيرهذه المشاعر السلبية بشكل يؤدي إلى الصدام مع شريك الحياة، بل وأحيانا إلحاق بعض الأذى به رغم أنه ليس هو المتسبب بها. كما أن هناك من يفضل كتمان مشاعر الضيق والغضب الأمر الذي يؤدي إلى الاكتئاب والشحوب إن لم يتسبب في حدوث مرض جسدي له نتيجة كثرة تراكم المشاعر السلبية لديه وعدم تعبيره عنها بشكل صحيح.
لأسباب كثيرًا ما تكون مختلقة وليست حقيقية. بالتالي تتسبب في حدوث شرخ واتساع الفجوة تدريجيًا بين الطرفين.
كل طرف في العلاقة العاطفية يحتاج لتعلم الطريقة الصحيحة للتنفيث عن غضبه أو مشاعره السلبية. بدلا من كتمانها، أو الصدام مع شريك حياته لأسباب لا تستحق أو مختلقة. مجرد الحديث عن الأمر والحوار (الفضفضة) مع شريك الحياة كثيرا ما يخفف من حدة هذه المشاعر ويجنب الطرفين احتمال حدوث مشكلة.
أن يتذكر الطرف صاحب المشكلة أن شريك/ شريكة حياته لا علاقة له بتلك المشاعر السلبية التي يشعر بها وليس هو من تسبب فيها. ثم يحاول التعبير عن مشاعره بالحديث إليه بدلا من محاولة افتعال مشكله معه. في حين أن الطرف الآخر عليه أن له باهتمام ويعلق بأنه متفهم لغضبه بدون معارضة أو مزايدة. حتى وإن كان لا يتفق معه تمامًا لكنه ينصت لأنه مدرك أن غاضب وأنه يحتاج للتنفيث والتعبير عن ذلك.
وحين يحدث تبادل أدوار ويكون هو الطرف صاحب المشكلة يفعل شريك حياته مع نفس الشيء. ذلك المناخ من احتواء الغضب يخلق مع الوقت نوع من المساحة الآمنة المريحة بينهما. كل منهما سيشعر بالفعل ان لديه في حياته من يهتم بأمره وبالتالي تتلاشى المشاعر السلبية بالتدريج. وبشكل إيجابي بدون حدوث صدام بين الطرفين لا يؤدي إلى شيء سوى حدوث فجوة أو شرخ بينهما.
اقرأ أيضًا: 10 علامات على العلاقة العاطفية الناجحة
-
حدد منهجك وإحتياجاتك من شريك حياتك، ودعه يعلم ذلك:
تحدث المؤلف عن أن جراح الماضي والخدوش التي قد تكون حدثت لنا في مرحلة الطفولة تلعب دور أساسي في مشاعرنا وميولنا العاطفية. وفي علاقتنا من نحبهم وبشركاء حياتنا. هناك من عانى في حياته المبكرة أو طفولته من قلة الاهتمام، أو تسلط الأبوين، أو غياب أحدهما. تلك الخدوش هي التي تحدد احتياجاتنا ممن نحب. عندما نقع في الحب نكون كالطفل المجروح الذي يسعى للخلاص من جرحه. أكبر هدف داخلنا نسعى لتحقيقه من هذه العلاقة هو التعويض. ومداواة تلك الخدوش التي حدثت لنا في بداية حياتنا.
حين ندرك هذه الحقيقة نستطيع أن نحدد جيدًا احتياجاتنا من شريك الحياة. لكن علينا أن نتذكر أن شركاء حياتنا لن يكونوا قادرين على فهم تلك الاحتياجات من دون أن نوضحها لهم. علينا أن ندرك أنهم لن يجيدوا قراءة أفكارنا بدون أن نعبر عنها.
وعن طريق التواصل والنقاش البناء بين الطرفين يحاول كل منهما التعامل مع الآخر بالشكل الذي يريده. ويسعى كل منهما لتحقيق إحتياجات الآخر. وبتالي تصبح علاقتهما العاطفية مصدر دعم ومداواة وشعور بالكمال لكلاهما.
جدير بالذكر أن كتاب كيف تحصل عى الحب الذي تريده يتضمن في الجزء الأخير تمارين ذهنية وسلوكية. تساعد الزوجين على تحقيق تلك الخطوات السابقة. حتى يتمكنا من تحويل علاقتهما لعلاقة أكثر وعيا وعقلانية واستقرار.
الزواج الناجح قرار:
عندما يقرر الزوجان أن يجعلا من علاقتهما علاقة ناجحة، عندما يتقبل كل منهما أن يتغير من أجل تحقيق رغبة الآخر أو تلبية احتياجاته وإسعاده. تقبل الطرف الآخر كما هو والإصرار على التغير من أجله والتحلي بالشجاعة لمواجهة المخاوف .. وهذا هو الفرق بين مرحلة الزواج الواعي (القائم على العقل والمشاعر) والزواج الغير واعي (القائم على العاطفة فقط) وإن كان الطرفين فيهما يمكن أن يحصل على نفس القدر من السعادة
كذلك الاعتياد على احترام كل منهما للآخر والعطاء بدون مقابل، وتقدير الطرف الآخر وأفعاله كما يقدر نفسه.. في هذه الحالة يتمكن الطرفين من الوصول لمرحلة كبيرة من النضج العاطفي .. المرحلة الخالية من الأنانية التي يثير فيها كل منهما المشاكل لأتفه الأسباب
والسبب الأساسي هو تقبل الطرف الآخر كما هو ليس كما كان يتمنى أن يكون
أهم ما يميز حالة الزواج الناجح الواعي هو أن أصحابه يتمكنوا من إيجاد مخرج للمشاكل بينهما بسهولة. وكذلك المشاكل التي يمكن أن تحدث لأي منهما في حياته أو في علاقته بالآخرين. نظرًا لأن تلك العلاقة المستقرة تصبح أكبر مصادر الدعم لأصحابها في أوقات الضغوط والأزمات الحياتية والعملية. كما أن ذلك النوع من الأزواج هم أكثر الشخصيات الذين لديهم قدرة على تقديم العون للآخرين. حيث أن قدرتهما على حل مشاكلهما الداخلية تصبح مع الوقت مصدر خبرة يستطيعان أن يقدما منها النصائح لخدمة الآخرين في مشاكلهم .
تعليقات
إرسال تعليق