سوء الحظ في الحب.. لماذا يفشل الأشخاص الطيبون في الحب؟

 

تكرار الفشل في العلاقات العاطفية، والشعور بأنك تعاني من سوء الحظ في الحب بالتأكيد أمر محبط جدًا لأي إنسان. خاصة عندما تكون شخص يملك قلب طيب ومحب للحياة وللناس. ولديك مميزات على المستوى الشخصي والعملي يتمناها الكثير في شركاء حياتهم.

إذا كنت مهتم لقراءة ذلك المقال فهذا يعني أنك ربما واجهت ذلك الشعور بأنك شخص غير محظوظ في الحب والحياة العاطفية على الأقل ولو مرة واحدة. نظرًا لأنك خضت تجارب أو علاقات عاطفية كنت فيها الطرف المثالي – أو شبه مثالي- بالنسبة للطرف الآخر. قدمت وفعلت الكثير من أجل تحقيق سعادة شريكك لكنك في المقابل النتيجة كانت عكس توقعاتك.

هل مثاليتك في الارتباط العاطفي، وحسن طباعك وسلوكك تجاه الطرف الآخر هي السبب في فشلك المتكرر في الحب؟

للأسف المثالية والعطاء والتجاوز هي بالفعل قيم مهمة لأي علاقة. لكنها في نفس الوقت سلاح ذو حدين إذا لم يستخدم بشكل صحيح يدمر أي علاقة عاطفية بين طرفين على المدى الطويل.

اقرأ أيضًا: أهم علامات الذكاء العاطفي

لماذا تواجه سوء الحظ في الحب رغم أنك كنت الطرف المثالي؟

 

1. العطاء الزائد بدون مقابل:

الشخص الجيد، الطيب يفعل كل شيء بدافع الحب، يجامل، يشتري هدايا، يبحث عن أماكن فخمة للخروج، ينتظر ويهتم ويتواصل مع حبيبه/ حبيبته باستمرار. وفي المقابل لا ينتظر نفس الشيء من الطرف الآخر بشكل دائم، أو بنفس الطريقة. للأسف عدم توقع أو انتظار المقابل بنفس الطريقة من الطرف الآخر هو خطأ كبير يقع فيه معظم الأشخاص الرومانسيين الذين يحبون بإخلاص، ويتصرفون تحت تأثير العاطفة الصادقة.

العطاء في حد ذاته ليس خطأ، بالعكس العطاء يعتبر أهم وأقوى أسباب نجاح أي علاقة عاطفية. لكن الخطأ هو ألا يكون متبادل بنفس الشكل بين الطرفين، وليس من طرف واحد. من الخطأ أن تفعل كل شيء للطرف الآخر، في حين أن لا تنتظر منه العطاء في المقابل.

أن تفعل كل شيء جيد وصحيح وتسعى أن تكون الشريك المثالي الخالي من العيوب والأخطاء يجعلك تشعر بمرور الوقت أنك مرهق ومستنفز. في حين يعتاد الطرف الآخر على فكرة أنه ليس مضطرًا لبذل أي مجهود من أجل استمرار علاقته بك. بل أن هناك بعض الأشخاص يشعرون تجاه العطاء والإهمام الزائد أنهم يتم شرائهم، على الرغم من أن الحقيقة ليست كذلك!
لكن للأسف الشخص الذي يقيم العطاء بهذه الطريقة من الصعب أن يبادل حبيبه بنفس الشيء على العكس. غالبًا ما تحمل ردود أفعاله الكثير من العجرفة والنكران نتيجة تقييمه الخاطئ لعطاء الآخرين.

 

2. مكافأة الطرف الآخر على خطأه :

كثير من الأشخاص المحبين بصدق للطرف الآخر أنهم لا يميلون فقط لتجاهل أخطاء الطرف الآخر في حقهم وحق علاقتهم العاطفية، بل أنهم كثيرًا ما يردون على تلك الأخطاء بأسلوب إيجابي يحمل شكل المكافأة!

مثال: (أن تشتري لحبيبتك هدية بعد  تصرفها تصرف متعجرف تجاهك، أن تبادري حبيبك بعبارات الحب والعاطفة بعد أن عنفك بكلام جارح أو وصف غير لائق).

الشخص المحب الهادئ الطيب، لا يحب فكرة الخلاف أو النزاع أو المشاكل. وأحيانًا يظن أنه حينما يرد على التصرف السلبي أو المتعجرف من حبيبه / حبيبته بتصرف جيد وإيجابي أن الطرف الآخر بالتأكيد سيقدر ذلك ويخجل من خطأ. وبالتالي سيتم احتواء الموقف وحل المشكلة!

وهو للأسف اعتقاد خاطئ بنسبة كبيرة. بالأخص حينما يتم التصرف على هذا النحو تجاه كل التصرفات السلبية للطرف الآخر وعلى المدى الطويل في علاقتهما. الأمر يبدو وكأنك تكافئ الطرف الآخر على تصرفاته السلبية في حقك!

طبيعة البشر أنهم يميزون الخطأ أو السلوك الخاطئ نتيجة عواقبه. العواقب السلبية بالطبع هي نتيجة للسلوك الخاطئ وبالتالي هي دافع لعدم تكرار ذلك السلوك. والعواقب الإيجابية لأي سلوك تحفزنا لتكراره طالما أن نتيجته كانت ايجابية! وما يحدث أنك عندما تتصرف نحو الطرف الآخر بشكل إيجابي بعد خطأه في حقك أنك تحفزه بشكل لا شعوري لتكرار ذلك الأمر معك مرة أخرى، وبالتالي تزداد مساحة التوتر في علاقتكما بالتدريج.

3. الشخص الطيب متاح دائمًا:

الشخص الجيد هو شخص قليل الشكوى، متسامح، غير متطلب ولا ينتظر التدليل. كذلك معظم الأشخاص الطيبون المحبين بصدق تجدهم على استعداد دائمًا لانكار ذواتهم والتخلي عن احتياجاتهم في سبيل إسعاد شركائهم والتقرب لهم. حرص الشخص الطيب الزائد على المثالية مع الطرف الآخر يجعل منه مع الوقت شخص متاح باستمرار Too available. سهل وبسيط ومريح في التعامل، الوصول إليه، وإرضاءه والحصول على مشاعره أمرًا متاح ولا يتطلب أي مجهود أو عناء.

العقل البشري يميل للنظر إلى كل ما هو سهل ومتاح دائمًا على أنه شيء رخيص، وغير ثمين. طالما أنه حصل عليه بدون أي عناء أو تعب. وفي نفس الوقت ينظر إلى تلك الأشياء التي حصل عليها بعد وقت أو صبر أومجهود على أنها أشياء قيمة ويخاف بشدة من فقدانها. رغم أن الواقع ليس بالضرورة أن يكون كذلك، لكنها طبيعة طريقة العقل في تقييم الأمور لدى أي إنسان.

المرونة وسهولة التعامل والإخلاص في العلاقة وتقديم أفضل ما لديك لإسعاد حبيبك / حبيبتك ليست مشكلة في حد ذاتها.  لكنها تصبح مشكلة حينما تكون بالشكل الذي يجعل من صاحبها شخص متاح أكثر من اللازم، فهي أكثر الأشياء التي تخلق مشاعر عدم التقدير لدى الطرف الآخر حين يعتاد منك على المثالية لإسعادة وفي المقابل يشعر أنه ليس مضطرًا إلى فعل أي شيء للحصول على حبك ووجودك معه واهتمامك به.

4. نظرة الطرف الآخر للحب والعطاء:

ليس من الضروري دائمًا أن تكون أسباب فشل العلاقة متعلقة بأسلوبك أو بطريقة عطائك، وإنما هناك أسباب متعلقة بالطرف الآخر. كأن يكون صاحب شخصية تنظر للحب على أنه ضعف.  هذا النوع من الشخصيات غالبًا ما يحمل رد فعلهم تجاه تعبير الآخر لهم عن حبه ومشاعر الكثير الفتور والعجرفة. كما أنهم بالطبع يفرضون التعبيرعن مشاعرهم مهما كانت قوية، لأنهم يرفضون الاعتراف بأنهم ضعفاء.

كما أن هناك الكثير من الشخصيات يرون في عقلهم الباطن أن الحب بالضرورة مرتبط بالجرح. وبالتالي يرفضون رفض غير واعي التجاوب أو الاستمرار في علاقة عاطفية  مع طرف آخر محب ومهتم ومخلص. ذلك الرفض الغير واعي والرغبة في التراجع وعدم الاستمرار في ارتباط عاطفي جاد يزداد كلما كان  الطرف الآخر شخص له مميزات. وكلما كان صادقًا في التعبير لهم عن عاطفته واهتمامه. تحت تأثير ذلك الاعتقاد أنه كلما كانت بداية قصة الحب جميلة ورومانسية كلما زاد احتمال تعرضهم لجرح كبير في نهايتها.

بالتالي الأشخاص الذين ينظرون للحب هذه النظرة الشائكة ويتوقعون منه الجرح وليس السعادة. من الصعب جدًا عليهم أن يتجاوبوا في علاقاتهم بشكل طبيعي. رغم أنهم من الممكن أن يكون لديهم مشاعر صادقة ومهتمين بالطرف الآخر، ورغم أنهم مدركين أن الشخص الآخر هو إنسان محب وصادق في إهتمامه بهم. لكن للأسف معظمهم يميل إما للإنكار أو لردود الفعل العكسية نتيجة أبعاد نفسية مركبة في شخصياتهم. وغالبًا ما يكونون عاجزين عن التجاوب مع الشخص المخلص بشكل طبيعي. بل أن هناك من يميل لتجنب الارتباط العاطفي من الأساس بأي شكل من الأشكال ويفضل حالة الوحدة لأنها بالنسبة له وضع أكثر أمانًا، وأفضل كثيرًا من أن يتعرض لموقف ضعف أو أذى!

اقرأ أيضًا: 10 علامات على العلاقة العاطفية الناجحة

هل حل مشكلتك، وإنهاء حالة سوء الحظ في الحب التي تواجهها هو أن تتخلص من كل صفاتك الجيدة وأن تتحول إلى شخص أناني ومتعجرف عند وقوعك في الحب ؟

 

بالطبع لأ، حل المشكلة يتلخص النقط التالية:

  • أولًا: توقف عن الشعور بالإحباط ولوم نفسك على تصرفاتك الإيجابية في علاقاتك السابقة بشكل مبالغ فيه. عليك أن تعرف أنك لست الطرف المخطئ في العلاقة طالما أنك كنت الشخص القادر على العطاء والحب والتعبير عن مشاعرك بصدق للطرف الآخر.
  • ثانيًا: الوعي بأن مبادئ الحب والدعم والاهتمام هي مبادئ مهمة لنجاح أي علاقة عاطفية. لكنها من الضروري جدًا أن تكون متبادلة. انكار الذات وعدم انتظار التقدير أو المقابل من الطرف الآخر ليس دائمًا هو التصرف الصحيح، تذكر أنك تحتاج إلى الأخذ والعطاء، وليس العطاء فقط.
  • ثالثًا: تجنب إنكار الذات. الاهتمام بحبيبك / بحبيبتك ليس خطأ. إنما الخطأ هو الاهتمام الذي يطغى على مساحتك وعلى احتياجاتك في سبيل إسعاد الطرف الآخر. حينما تجعل من إنسان آخر محور حياتك وتبادر بإلغاء نفسك في سبيل إسعاده. أنت تدفعه بشكل غير مباشر لإلغائك وتحول نفسك بالتدريج إلى شخص غير مرئي بالنسبة له لأنه اعتاد منك على ذلك. ولأنك ظننت أن إنكارك لذاتك سيفيد علاقتك العاطفية، في حين أن النتيجة تكون العكس تمامًا.
  • رابعًأ: إدراك أبعاد شخصية الطرف الآخر. الإدراك يعادل حل نصف المشكلة. إدراكك لتكوين شخصية حبيبك/ حبيبتك، ولطريقة نظرته للحب والعواطف والتجارب العاطفية سيجعلك شخص انتقائي في أفعالك واهتمامك وعطائك لذلك الشخص. الإدراك يزيد من قدرتك على قييم تلك العلاقة وفرصة نجاحها على المدى الطويل. بالتالي يصبح لديك قدرة أكبر على حرص والتحكم في تصرفاتك تجاه الطرف الآخر وبالتالي ردود فعله تجاهك .

الخلاصة:

أنت شخص محب وحنون وتبحث عن الأمان في علاقة عاطفية ناجحة، وهذا الأمر ليس خطأ بالتأكيد. لكنك عندما تواجه الفشل بشكل متكرر تصاب بالإحباط بشكل يجعلك تشعر أن المشكلة هي مميزاتك وإخلاصك للآخر. المشكلة ليست في مميزاتك، او في درجة اخلاصك وحبك للطرف الآخر، المشكلة في طريقة تعبيرك عن ذلك. أحيانًا يكون الإفراط في الاهتمام والعطاء للطرف الآخر وإنكار الذات أمر يضر بعلاقتك به أكثر مما ينفعها.

عليك بالوعي والإدراك والإنتقائية والتريث في قراراتك وتصرفاتك تجاه الطرف الآخر، تذكر أن أي علاقة عاطفية متوازنة وناجحة قوامها الأخذ والعطاء، ولا تبادر بإنكار ذاتك تحت أي ظرف. انت ستصبح سعيدًا بالأخذ بقدر سعادتك بالعطاء، من دون أن تفكر وتسعى لإسعاد نفسك أولًا قبل إسعاد حبيبك لن تتمكن من تكوين أو الاستمرار في علاقة عاطفية قوية ومتوازنة وناجحة.

حب نفسك بقدر حبك لحبيك، سيبادلك حبيبك نفس الحب بالشكل الذي تحتاجه.

اقرأ أيضًا: 29 نصيحة قبل الزواج

المصادر:

https://www.psychologytoday.com/intl/blog/the-attraction-doctor/201211/why-nice-guys-and-gals-finish-last-in-love

https://classroom.synonym.com/being-available-hurt-relationship-19229.html

https://www.independent.co.uk/life-style/love-sex/why-turned-off-show-too-much-interest-sex-attraction-dating-love-a7959666.html

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الإهمال العاطفي في الحياة الزوجية: جرح خفي ينزف ببطء

حقائق مهمة عن اضطراب ثنائي القطب

النرجسي السيكوباتي .. نموذج حي للشيطان على الارض